اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 90
وأما قوله: {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} يقول: لا يذهب من حفظه ولا ينساه [1]. [1] انظر: تفسير الطبري "173/16" "158/25" وتفسير ابن كثير "165/3" "164/4". شك الزنادقة في قوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
...
وأما قوله:
{وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} [طه: 124، 125] .
وقال في الآية الأخرى: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] .
فقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم؟ فيقول: إنه أعمى، ويقول: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} فشكُّوا في القرآن[2]. [2] قال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] الآية.
هذه الآية الكريمة تدل على أن الكفار يوم القيامة ينظرون بعيون خفية ضعيفة النظر، وقد جاءت آية أخرى يتوهم منها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] .
والجواب: هو ما ذكره صاحب الإتقان، من أن المراد بحدة البصر: العلم وقوة المعرفة. قال قطرب: فبصرك أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم: بصر بكذا أي علم، وليس المراد رؤية العين. قال الفارسي: ويدل على ذلك قوله: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} .
وقال بعض العلماء: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} أي تدرك به ما عميت عنه في دار الدنيا، ويدل لهذا قوله تعالى: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا} [السجدة: 12] الآية. وقوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: 53] الآية، وقوله: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [مريم: 38] . ودلالة القرآن على هذا الوجه الأخير ظاهرة، فلعله هو الأرجح، وإن اقتصر صاحب الإتقان على الأول.
انظر: دفع إيهام الاضطراب "176/10". =
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 90